كتابات | آراء

الخذلان العربي لغزة بين الأنظمة والشعوب

الخذلان العربي لغزة بين الأنظمة والشعوب

نعلم أن النظام العربي الرسمي كان ولا يزال صهيونية عربية تحمي الكيان المصطنع على حساب الشعب الفلسطيني، كما نعلم أن السلطة الفلسطينية وجماعة التنسيق الأمني هي النسخة الفلسطينية من النظام العربي المتصهين إياه.

الصهيونية العربية لا تعني فقط طاعة المستكبر الأميركي، وضخ المساعدات للكيان المجرم، والغدر بالشعب الفلسطيني، والتآمر على مقاومته... بل تعني أيضا منع فرص النهوض الحقيقية للشعوب العربية، وهدر الثروات العربية على أحلام تافهة لا تمت إلى التنمية الحقيقية بصلة.
لقد أمسك الإستبداد بعنق الوعي العربي حتى ارداه، ودفع "بالرويبضة" من السياسيين والإعلاميين إلى واجهة الشاشات، وحول الدفاع عن الكيان الصهيوني إلى حروب أهلية متنقلة من دولة عربية إلى أخرى. وتضاءلت أحلام الشعوب العربية واصبحت "تافهة" إلى درجة السعي للحصول على صورة مع فنان، أو على ربطة خبز يومية بانتظام... ولكن حتى هذا الحلم الأخير أصبح ترفا في غزة اليوم، حيث يعاني 600 ألف طفل من مجاعة حقيقية في جنوب القطاع بحسب تقرير اليونيسف، بالقرب من الحدود المصرية التي يتحكم بها بشكل كامل العدوان الأكثر إجرامية على شعب أعزل في التاريخ الحديث.
الأصل أن يغضب الإنسان الطبيعي من مذلة التبعية وظلم الإستبدادا، ولكن حتى هذا الغضب غير كاف لإحداث تغيير نحو الأفضل. ولكي يتحول الغضب إلى تغيير يجب أن تحمله شخصيات قيادية وتحوله إلى عملية ثورية واعية ، مستقلة، سلمية ، ووطنية، وبرامج أصيلة. وهنا تكمن جريمة الذين قادوا خديعة "الربيع العربي" أو ركبوا موجتها من دون قيادة واضحة ومن دون برامج تغيير رشيدة ومستقلة، فإذا بالعرب يعيدون انتاج أنظمتهم الفاسدة وبشكل أسوأ ، ويخرجون من "ربيعهم" المزعوم وقد كفروا بالتغيير الذي دمر مقدراتهم ومدنهم وأودى بفرص نهوضهم من جديد.
باستثناء ما تقدمه تلك الوجوه المشرقة بالعزة والتضحية في قيادات محور المقاومة، نواجه بكل أسف "قحطا" عربيا في القيادات التاريخية الثورية المستعدة لبذل الغالي والنفيس لإنقاذ هذه الشعوب من هزالها وضعف إرادتها وعقم أساليب التعبير عن الغضب في شوارع "مدن الملح" ... فلا المصري تمكن من فتح معبر رفح بإرادة شعبية عارمة، ولا الأردني تمكن من إيقاف خط الدعم للكيان الصهيوني والتمثيلية "الهوليودية" عن إلقاء المساعدات من الجو، ولا الضفة تجاوزت الخطوط الحمر المرسومة من قبل السلطة.. فيما تنتظر السعودية نهاية شهر رمضان لإستئناف حفلات "الترفيه" الصاخب، للمضي في تعزيز ثقافة التفاهة.
وفي ظل هذا الخسران المبين يأتي حدث إعادة إنتخاب الرئيس المصري في عز ماساة غزة، والمبالغة في الإحتفال بإعادة تنصيبه، بينما بادر الشعب التركي إلى معاقبة الرئيس أردوغان في الإنتخابات البلدية التي جرت مؤخرا، واعترف الأخير بأن الموقف المخزي للدولة التركية مما يحصل من جريمة إبادة في غزة كان العامل الأبرز في تراجع شعبية "حزب العدالة والتنمية" المحسوب أنه قيادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
أين القيادات الدينية والثورية مما يحصل؟ أين كلمة الحق في وجه سلطان جائر؟ هل تحتاج الشعوب العربية إلى "محو الأمية الثورية" أم أن القيادات الدينية تحتاج إلى تفسير بديهيات القرآن الكريم: "بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم، فمن يهدي من اضل الله وما لهم من ناصرين". (الروم،29).
لا بل الأمر أسوأ من ذلك ، فقد قرأنا في الآونة الأخيرة عن محاولات اختراق أمني "عربية" لغزة، بالتعاون مع الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، ويمكننا بكل ثقة أن نلخص كلام بايدن لنتنياهو ونقطة الخلاف بينهما هكذا: نتنياهو أيها الغبي لقد خسرت معركة العلاقات العامة وجرائمك أصبحت عبئا على الإنتخابات الأميركية، لقد رتبنا مع الأنظمة العربية فتنة داخلية في غزة، دع العرب يقتلون بعضهم بعضا، وأنت انتظر نتيجة الفتنة لتدخل "رفح" بلا مزيد من المشاهد المروعة التي تحرض الشعوب الغربية علينا.... أترك عملية التصفية النهائية للمقاومة الفلسطينية "للحلفاء من الصهاينة العرب" فقد أثبتوا كفاءة عالية في تدمير الحواضر العربية والفتن المذهبية والمؤامرات الداخلية....
والشعوب العربية ليست بريئة، فالجريمة كبيرة إلى درجة تجعل من الصمت عليها جريمة أكبر، قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام: إنما عقر ناقة ثمود رجل واحد، فعمهم الله سبحانه بالعذاب ، لما عموه بالرضى".

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا