كتابات | آراء

دور ظهور الأسيرين في تأجيج غضب المتظاهرين

دور ظهور الأسيرين في تأجيج غضب المتظاهرين

اللجوء إلى بث تسجيلات مصورة -بين فترة وأخرى- لعدد من الأسيرات والأسرى تكتيكٌ ناجحٌ تعتمد عليه المقاومة الفلسطينية في تثوير جماهير «مجتمع العدو» في وجه مجلس حربه لا سيما رئيسه «بنيامين نتنياهو» الذي أثبت سير المعارك بل المجازر التي يرتكبها ضدَّ أطفال «قطاع غزة» سوء نواياه تجاه أسراه.

أهم ما حواه التسجيل من تفاصيل
كما هو دأبها كتائب القسام في بث تسجيلات مصورةٍ لبعض أسيرات او أسرى العدو ترسل من خلالهم رسائل مبطنة ومتعددة الأبعاد وذات تأثير حاد على النخبة الحاكمة المتخذة من تصنُّع الحرص على تحرير أولئك الأسرى والأسيرات ذريعةً لمواصلة مجازر الإبادة والانتقام ومكرِّسٍ لمظاهر الانقسام التي بدأت تتخلل ألوان الطيف السياسي وتشقُّ طريقها في أوساط الشرائح المجتمعية الصهيونية بشكل عام، ها قد بثَّت -في معرض ردِّها الشديد الإحكام على تعنت «نتنياهو» ووقوفه حجر عثرة في طريق إتمام صفقة تبادل الأسرى والمضي في إرساء مسارٍ لتحقيق السلام- تسجيلًا مصورًا لأسيرين صهيونيين استمرّ بثُّه في شاشة الجزيرة يوم أمسٍ الأول مدة 3 دقائق و27 ثانية يُدعى أولهما «كيت سيغال» وهو أحد أهالي «مستوطنة كفار عزة» ويبلغ من العمر64 عامًا، وقد عبر -في ما استغرقه من وقت ذلك التسجيل- عن حبه لأفراد أسرته وشدة شوقه إليهم، مطمئنًا إياهم على صحته ومتمنيًا دوام الصحة وموفور السعادة.
وإذْ مرَّت بباله -في لحظات تسجيله- ذكريات الاحتفال العائلي بعيد الفصح اليهودي التي اعتبرها جميله لكنه حرم منها هذا العام خلافًا لما كان عليه في سائر الأعوام، فقد أمل «سيغال» أن يحظى بتحرر مفاجئ -على حدِّ قوله- لا يستبعد حصوله.
وإزاء ما يُعايشه هو وإخوانه -لأكثر من عام من كابوس القصف- فقد تساءل بصوتٍ متلجلج عن أوان الفرج، مبديًا تخوفه -في ذات الحين- أن يكون قد صار هو وغيره من الأسرى من المنسيين بسبب مماطلة الحكومة عن إتمام الصفقة مع الفلسطينيين مطالبًا من رئيس الوزراء ومن معه من الأعضاء سرعة إتمامها متمنيًا الحرية لجميع الأسرى.
وختم كلامه مبديًا تفاؤله الشديد بما يشاهده من مظاهرات داعيًا إلى استمرارها بكرةً وعشيًّا، ثمَّ انهار باكيًا.
أما ثاني الأسيرين البالغ من العمر 47 عامًا فيدعى «عومري ميران» وهو من مستوطنة «كيبوتس ناحال عوز» فقد بدا -في تخاطبه- أشدَّ تماسكًا من صاحبه حين قال: (عائلتي العزيزة، أنا مشتاق لكم جميعًا، أبي، أختي، أخي، زوجتي أليشاي، وبنتاي روني وألما الغاليتان).
وأضاف متبعًا اليأس الأمل: (هذا العام لم نتمكن من الاحتفال في أي عيد معًا بسبب هذه الحرب الشنيعة، آمل أن نتمكن على الأقل من الاحتفال معًا في عيد الاستقلال «الفصح» المقبل).
وتابع متوسلًا: (أنا هنا في أسر حماس منذ أكثر من 202 يوم، نعيش أوضاعًا صعبة تحت القصف العنيف، وآن الأوان للتوصل إلى صفقة تخرجنا من هنا، ونحن على قيد الحياة وبصحة جيدة).
وختم «ميران» كلامه حاضًّا ذويه على بذل ما بوسعهم من أجل الضغط على الحكومة بكافة الطرق الممكنة، بما في ذلك مواصلة المظاهرات، من أجل أن يكون هناك مفاوضات تفضي إلى صفقة فورية تعيد له الحرية.

ردُّ فعل انفعالي في أوساط الأهالي
والحقيقة أنَّ هذا التسجيل الصوتي المتأخر قد أتى بردِّ فعلٍ مبهر، فقد أسفر عن مضاعفة أعداد المتظاهرين المتضامنين مع أهالي الأسرى وتنظيم مظاهرة غير مسبوق تخللها بيان أشير في بعض بنوده المحدودة إلى جُرم تقصير الحكومة وأجهزتها الرسمية وعجزها بل توانيها إلى أبعد حدّ عن حماية مواطنيها ممَّا تعرضوا له من قتلٍ وتشرُّد وأسر لدى «حماس» صبيحة الـ7 من أكتوبر الماضي الذي يُعدُّ -بمقاييس المجتمع الصهيوني- يومًا أسود، ثمَّ لم يلبث البيان أن وضعها أمام خيار القبول بإتمام صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، أو التهور في اجتياح «رفح» الذي سيفضي -مرةً أخرى- إلى المزيد من القتلى والأسرى أو الإيداء -على سبيل المثال لا الحصر- بحياة من يطالب البيان بتخليصهم من الأسر.
كما انطوى البيان المعبر عن موقف أهالي الأسرى العالقين -للشهر السابع على التوالي- في شرك الاعتقال الشديد الانفعال على مطالبة حكومة نتنياهو المتطرفة بالاستقالة -في الحال- وإفساح المجال لإجراء انتخابات عاجلة تفرز حكومة معتدلة تبرم مع «حماس» صفقة تبادل أسرى عادلة وتتخذ كافة الترتيبات المفضية إلى إيقاف إطلاق النار بصورة فورية وشاملة.
وبالمجمل توشك هذه الرسالة التي بلغت أصداؤها التحريضية -في هذا التوقيت- كافَّة الأحياء والبيوت أن تُسقط عن السفاح «نتنياهو» وفريقه الحكومي المتطرف والممقوت ما يتدثَّرون به من ورقة التوت، (وَإِنَّ أَوهَنَ ٱلبُيُوتِ لَبَيتُ ٱلعَنكَبُوتِ).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا